“روح جسد … بنت وولد” كتبه محمد عبد الخالق

22657279_10212199633640069_1172566713_n.jpg

لا داعي لوجود صورتي على هذا المقال تحديدا، فهناك ثنائي جميل بكل ما تحمل الكلمة، يستحق عن جدارة أن يتصدر المشهد، ثنائي يفرح –ربنا يحميه ويكتر من أمثاله- يقدم نموذجا حيا من لحم ودم لمعانٍ لو أنفقنا في كتابتها أوراقا وأوراقا لربما لن تصل للقراء بهذا الوضوح الناصع، والجمال الباهر.

علي فرج ونور الطيب شابان مصرييان جمعهما الحب مرتين، الأولى حب الرياضة وتحديدا لعبة الاسكواش، وحب آخر كللاه بالزواج، ثم في حدث نادر توجا معا بلقب بطولة أمريكا المفتوحة للإسكواش التى أقيمت فى جامعة دركسل بولاية فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية، فاز “علي” ببطولة الرجال وفازت “نور” في منافسات السيدات.

القصة تحمل رسائل عدة، كل رسالة منها نقطة مضيئة نتلمسها وأشباهها وسط غيوم العلاقات الزوجية وظلامها.

لا أميل لاستخدام عبارات من نوعية: “وراء كل عظيم امرأة”، فحرارة التجربة وشبابها لا يليق بها برودة تلك العبارات المعبأة، فنحن أمام:

 أولا: قصة حب نجحت، ولا يقاس نجاح الحب بالزواج، فأحيانا كثيرة يكون الزواج “نهاية” الحب، لكن قصتنا هنا نجحت بما حققته بعد الزواج.

ثانيا: زواج لم يقض على موهبة ولم يعق هدفا.

ثالثا: تعاون وتفاهم ظهرت ثماره على الطرفين في سعادة كل منهما بنجاح وتفوق الآخر.

هى الحياة الزوجية الناجحة كما يقول الكتاب، هى العلاقة الزوجية الصحية كما نرسمها ونكتب عنها، ونحلم بها، هل تعرفون الخلطة السحرية التي نتج عنها هذه العلاقة؟

(الحب والاحترام والتعاون والمشاركة والتقدير)

 “الحب”: هو الكلمة الأعم والأشمل، التي تحتوي بين حروفها كل المعاني الأخرى التي تقوم عليها أية علاقة، سواء علاقة زواج أو صداقة أو حتى قرابة. “الحب” ككلمة كما وصفه صلاح جاهين: (النور شرق من بين حروفها وبرق)، لو لم تشعر في لحظة حبك أن هناك نورا يشع من عينيك فأنت لم تحب بعد.

“الاحترام”: احترام الطرف الآخر سريعا ما يحوله لجزء ويمحو الثنائية، فتصبحان واحدا، الحياة ليست أنا وفقط، الحياة أنا وأنت، والأروع أن تكون أنا وأنت ونحن، لم يفكر أحدهما في نفسه وبطولاته وإنجازاته بشكل منفرد، لم يقل لها يكفي ما حققتيه قفي ورائي لأحقق إنجازا كبيرا، لم يشعر أحدهما برغبة في إيقاف الآخر، لماذا؟ لأنهما احترما حب ورغبة واختيار بعضهما البعض، فسارا معا إلى الإنجاز.

“التعاون والمشاركة”: لم أشاهد حياتهما وتفاصيلها عن قرب، لكن قليل من التخيل يقرب الصورة، لا أعتقد أن هناك طرفا واحدا يتحمل المسئولية ولو حتى بشكلها التقليدي الذي يقسمها إلى مسئوليات الرجل ومسئوليات المرأة، من المؤكد أن مواعيد التمرين مختلفة، ومن المؤكد أن كثيرا ما يتناول أحدهما طعامه منفردا، ومن المؤكد أن هناك أياما يتولي فيها “علي” تحضير احتياجاته بنفسه، لولا تعاونهما معا في تفاصيل الحياة لما شاهدنا هذا الإنجاز.

التقدير”: احترم بعضهما البعض، وقدّر كل منهما الآخر ومجهوده وموهبته وحلمه، ولم يسفّه أو يقلل منه، المؤكد أنهما تشاركا الحلم، قدم كل منهما خبرته للآخر، وتمنى لو يراه في أعلى مكانة يحقق الإنجاز الذي يحلم به، اشتركا معا في نفس البطولة وكل منهما يشجع الآخر، حتى خرجا وكل منهما يحمل كأسا.

في النهاية وبكل بساطة وأريحية ودون متاجرة أو تباهي أو منظرة لخصت “نور” القصة كلها في كلمات قليلة في لقاء إعلامي بعد فوزهما: “أنا و”علي” زوجي كنا نساعد بعضنا البعض أثناء التمارين، وننبه بعضنا البعض لأبرز النقاط أهمية”.

لحظة رائعة تلك التي خرجا فيها من البطولة وكل منهما يحمل كأسا، لكن اللحطة الأكثر روعة ورمزية، هي تلك التي سجلتها هذه الصورة، عندما تركا الكؤوس واحتضنها يقبل رأسها، فهي أجمل وأهم وأروع بطولة حققها طوال مشواره.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.