هل يمكن أن يكون حب الوالدين عبئًا على الأبناء؟!

تشهد علاقة الوالدين بأبناءهم الكثير من الشد والجذب في كافة المراحل العمرية. ولكن الغالبية من البشر يرون أن والديهم أشخاص إيجابيين. أو على الأقل يشعرون بالذنب إذا عبروا عن مشاعرهم السلبية تجاه والديهم، وهذا شعور فطري. حتى عندما يكون هؤلاء الوالدين مهملين أو متعسفين! يعاقب الكثير من البشر أنفسهم لشعورهم بالغضب أو عدم التقدير أو عدم المحبة تجاه والديهم، أو يؤنبون أنفسهم عندما ينتقدون والديهم أو يشعرون الغضب تجاههما.

ما فشل هؤلاء الأشخاص في فهمه تمامًا هو أن مشاعرهم تجاه والديهم تستند إلى ألم عميق. قد يشعرون بحزن هائل، وحتى بالغضب، لأن احتياجاتهم العاطفية والمشروعة- منذ الطفولة- لم تُلبى أبدًا. أو قد يحولون هذا الألم إلى الداخل من خلال اعتبار أنفسهم معيبين لدرجة أنهم لا يستحقون حب والديهم.

هناك بالتأكيد أساب علمية لذلك وهو أن نظرًا لأن التوترات في العلاقة بين الوالدين والطفل “تعطل” نمو هذه العلاقة وتطورها، فإنها تؤدي إلى ارتفاع معدل العلاقات الحادة بين الأطفال ليس فقط مع الوالدين، ولكن أيضًا مع المعلمين وغيرهم من البالغين والأقران.

علاقة الإنسان مع الوالدين
من المفترض أن تكون علاقة الإنسان مع الوالدين طبيعية ولكن ليست مثالية

هل تشعر بالذنب لأنك لا تحب والديك بالقدر الكافي؟

على الرغم من أن كل طفل يستحق حب والديه غير المشروط، ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لهم على الدوام. لكن يأمل العلماء دائمًا أن الشخص البالغ يمكنه التصالح مع العلاقات المتأزمة والمتوترة حتى لو كانت مع والديه. إذا كانت علاقتك مع والديك تفتقد للدفء والحب الذي كنت في أشد الحاجة إليه، فمن المنطقي أن تكون مفتقدًا للمشاعر الدافئة الحنونة بينك وبين والديك بينما كنت تتمتع بالعناية والمسئولية فقط من طرفهما. في الواقع يؤكد علماء النفس أن الوفاء بوظيفتك كإبن بالغ لا تتطلب منك أن تحب والديك!

حتى لو كان الإنسان البالغ غير قادر على أن يحب والديه، فإن القيم الأخلاقية والدينية تحتم عليه أن يحسن إليهما ويحترمهما. إذن فالشخص الصالح هو من يحسن معاملة والديه بغض النظر عن شعوره نحوهما. فينبغي أن يقوم بتأديه واجباته تجاه والديه كأن يوصلهم لأي مكان أو يتأكد من حصولهم على الطعام والدواء والرعاية الصحية سواء عن طريقه أو عن طريق أحد مقدمي الرعاية الذين يثق بهم. قد تكون هذه الأفعال عملاً نابعًا من الحب، حيث لا ينبغي أبدًا أن تصبح الانشغالات اليومية أكثر أهمية من الأسرة أو الصحة، ولكن في الواقع، تعتبر أعذار العمل وقلة الوقت والمال أحد الاعتبارات المهمة في هذا الشأن.

إن إجلال والديك بهذه الطريقة يدل على أنك تتفهم وتتقبل وجودهم في حياتك وغير مقصر في حقهم.

ماذا يعني لك حب الوالدين ورعايتهما؟

الحب والحنان من الوالدين
إذا لم يحصل الطفل على احتياجاته من الحب والحنان من والديه فسيحمل لهما مشاعر سلبية عندما يكبر

ينبغي أولًا أن تحدد بينك وبين نفسك ماذا يعني لك بر الوالدين وتوقيرهما! خاصة إذا كنت تشعر بمشاعر سلبية تجاههما. حتى لو كانت مشاعرك تجاه والديك سلبية فهذا لا يعفيك من برهما ورعايتهما قد يعني ذلك بذل جهد كبير لتفادي النقاشات الحادة؛ يمكنك أن تفعل ذلك بأن تغير الموضوع مثار النقاش بينكما أو تجنب الموضوعات المثيرة للنقد والجدل. هل تشعر أنك بذلك كل ما في وسعك تجاه والديك عندما تزورهما مرة في الأسبوع مثلًا أو مرة في الشعر؟

معظم العلاقات بين الإنسان ووالديه ليست مثالية على طول الخط شأنها شأن كل العلاقات في الحياة حتى لو كانت علاقة شديدة القرب والمودة كالعلاقة مع الوالدين. يشمل هذا أحيانًا البالغين الذين لا يشعرون بالحب الذي كانوا يحتاجونه. وبالتالي ليس هناك داع لأن يشعر المرء بالذنب حياله. إذا كنت تستطيع تنمية مشاعر صادقة تجاه والديك، فستشعر بالتأكيد بأنك أفضل حالًا. ومع ذلك، من الممكن أن يكون لديك مشاعر سلبية تجاه والديك وأن تحترم نفسك وتعيش حياتك بطريقة سليمة.

الفائدة العظمى لرعاية أحد الوالدين الأكبر سنًا هي أنها مجزية للغاية. بالتأكيد كل علاقة تختلف عن الأخرى، ولكن ضمان حصول الأم أو الأب على الرعاية والحب والاحترام الذي يحتاجونه لا يقدر بثمن.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.